[size=24][center][b]كاي بيرد
ترجمة/ علاء البشبيشي
لكَسْر الجمود في الشرق الأوسط ينبغي أن يذهب أوباما إلى القدس.. حقًّا، إنه بحاجة إلى زيارة تشبِهُ تلك التي قام بها الرئيس المصري أنور السادات عام 1977، ينبغي عليه استخدام هيبَتِه الرئاسية وموهبته الخطابية الفريدة لفرض صيغة جديدة مثيرَة في الشرق الأوسط الغارق في مأزقٍ خطير.
أكتب ذلك وأنا على دراية كاملة بأنه ليس لدى أمريكا شركاء حقيقيون في "عملية السلام" الذاهبة إلى اللامكان، فكلُّ اللاعبين على الأرض ضعفاء سياسيًّا، ويتصورون أن الوضع الراهن أقلُّ خطورةً من تقديم التنازلات التي يعلم الجميع أنها ضرورية، ولكن هذا بالضبط ما يجعل السياسة الواقعية الوحيدة المتاحة تتلخَّص في تغيير قواعد اللعبة، وإطلاق مبادرة رفيعة المستوى من إدارة الرئيس أوباما.
مما لا شكَّ فيه أن مستشاري الرئيس لشئون الشرق الأوسط -من أمثال "دنيس روس" و"مارتن إنديك"- ينصحون بتوخي الحَذَر، ويؤكدون أن أي دبلوماسية أمريكية عنيفة محتمٌ فشلها، وهؤلاء "واقعيُّون" فاشلون.
وقد اعترف "أرون ديفيد ميلر"، أحد مستشاري شئون الشرق الأوسط المعمِّرين، الذين خدموا تحت إدارات ديمقراطية وجمهورية منذ العام 1978، مؤخرًا بأنه "لم يعُدْ مؤمنًا"، (بجدوى ما يجري)، وأن عمله كدبلوماسي خلال العقود الثلاثة المنصرمة كان "ممارسة عقيمة غارقة في الأوهام".
وأعرب في مقال نشرتْه مجلة "فورين بوليسي" عن إيمانه بأن صنع السلام بين العرب وإسرائيل يشبه إلى حد كبير محاربة طواحين الهواء، ويعتقد "ميلر" الآن أن أمريكا لا يمكنها فعل شيءٍ لإيقاف تلك السلسلة التي لا تنتهي من الحروب القبلية التي تشهدها المنطقة، وفي نهاية مقاله قال: "الآن، ليس لدى أمريكا الفرصة أو الأداة للقيام بخطواتٍ كبيرة تجاه عملية السلام، لكن ربما ينقذُ الحظ الرئيس: قد ينفجر الملالي في طهران، وربما يتوصَّل السوريون والإسرائيليون مرة أخرى إلى اتفاق سري، أو ربما تشتعلُ مواجهة عنيفة تصنع ثغرةً للخروج من المأزق"، بدون هذه الصفائح التكتونية المتغيِّرة في مكان ما، سيكون من الصعوبة استعادةُ الأيام الخوالي حيث كان العرب الشجعان الأبطال وقادة إسرائيل يسيرون فوق مسرح التاريخ، بصحبة الأمريكيين، عاقدين العزم، وقادرين على صنع السلام الحقيقي".
"لكن الصفائح التكتونية تتحرَّك في مكان ما"، هذا بالتحديد ما يمكن لأوباما فعله حينما يزورُ القدس، ويقف في نفس الكنيست الذي وقف فيه أنور السادات يومًا، وهناك بإمكان أوباما أن يكشفَ النقاب، بأسلوبه المسرحي العاطفي، عن سياسة أمريكية جديدة تجاه الشرق الأوسط. وبإمكانه الإعلان عن هذه المبادرات الخمس:
(1) تعهد أمريكي مفتوح، ومدعوم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بتطبيق خطة (نُسيبيه-أيالون) لإقامة الدولتين، وفق حدود 1967، وإبقاء القدس عاصمةً مشتركة بينهما.
(2) اقتراح -يدعمه تفويض جديد من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- بطرح خطة (نُسيبيه-أيالون) في استفتاء على مواطني إسرائيل والأراضي المحتلة خلال ثلاثة شهور، (وهذا يشبه خطة كلينتون 2000، واتفاقية جنيف لعام 2003، ومبادرة الجامعة العربية للسلام عام 2002-إلا أن خطة (نُسيبيه-أيالون) البسيطة، المكوَّنَة من 6 نقاط، تتفوق بموافقة قرابة ربع مليون إسرائيلي و160 ألف فلسطيني).
(3) إذا قيل إن الاستفتاء لم يُطرَح، ستحثُّ أمريكا الأمم المتحدة على فرض عقوبات اقتصادية على الطرف المخِل بالاتفاق، ومن ثَمَّ تتوقفُ المساعدات الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل أو الفلسطينيين حتى يتمَّ تطبيق حل الدولتين كاملًا.
(4) تعهُّد أمريكي بإدخال إسرائيل تحت المظلَّة الأمنيَّة للناتو-وذلك فقط حينما توافق إسرائيل على توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي وتفكيك ترسانتِها النووية.
(5) حينما تُطبَّق خطة (نُسيبيه-أيالون) بالكامل، ينبغي أن تتعهَّد أمريكا والمجتمع الدولي بإنشاء مرجعية للاستثمار الاقتصادي في الشرق الأوسط، على ضوء خطة مارشال للتعاون الاقتصادي بين الدول الأوروبية لعام 1948.
هذه النقاط الخمس من شأنها إعادة تشكيل الشرق الأوسط، مبدئيًّا سيثمر هذا التغيير المزلزل في سياسة الولايات المتحدة ثورة سياسية في أرجاء العالم العربي، ولن يستمرَّ الائتلاف الحكومي الحالي في إسرائيل، لكن أغلبية الإسرائيليين والفلسطينيين-حتى في أوساط حركة حماس التي تحكِم سيطرتها على قطاع غزة- ربما يصوتون لصالح خطة (نُسيبيه-أيالون)، وإذا لم يفعلوا ستكون أمريكا قد منحتْ نفسها العذر الكافي لفكّ ارتباطها بالشرق الأوسط، وحينها نستطيع، بضمير نقي، فعل ما يعتبره "الواقعيون"، من أمثال "أرون ديفيد ميلر"، لا شيء.
لكني أشكُّ في أن يصبح ذلك ضروريًّا، سيدرك معظم الناس أن النموذج الأوبامي الجديد يتَّسِم بالعقلانية والديمقراطية، وأنه الطريق الواضح صوب السلام والأمن، ستصبح إسرائيل دولةً أصغر، لكنها ستتحرر في النهاية من الخطر، وستعيش في أمان مع جيرانها.
ربما يتذمَّر البعض لأنني أترك الثيوقراطية الإيرانية خارج السيناريو، لكن الثورات التي من المفترض أن تصاحب رحلة أوباما إلى القدس ستؤثر حتمًا على قابلية هذا النظام للحياة، ربما قبل القدس، بإمكان أوباما التخطيط لزيارة طهران، ومن الواضح أن الطريق إلى طهران يمرُّ عبر القدس.
احجز رحلتك على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان" يا سيد أوباما؛ فأنت بحاجة إلى فعل ما يجعلك تستحقُّ جائزة نوبل للسلام (التي حصلتَ عليها تثمينًا لنواياك).
هنا يكون السيد "كاي بيرد" قد أنهى مقاله، ويبقى التساؤل: أبهذه البساطة، يحتاج تحريك المياه الراكدة في المنطقة فقط إلى زيارة من الرئيس أوباما للقدس، وإطلاق مبادرة أمريكية جديدة، تعود بعدها الأمور إلى (مجاريها)، وتستعيد عملية السلام حيويتها؟ أبإمكان الرجل ذلك رغم تأكيد العديد من استطلاعات الرأي، ووسائل الإعلام- البريطانية وعلى رأسها "ذي إيكونوميست"- والأمريكية وعلى رأسها "تايم"- تدهور شعبيَّتِه بصورة مخيفة؟ هل يستطيع رئيس فقد تأييد شعبه، أن يكسب ثقة شعوب المنطقة؟!
إذا كانت الإجابة (نعم).. إذن، فلتكُف الأرض عن الدوران حتى يهبط (سوبر أوباما) في المدينة (المقدسة- المحتلة).. وإذا كانت الإجابة (لا).. فليكمل النائمون طعامَهم مع الملائكة في عالم الأحلام.. ما أضعفنا![/b][/center]
[/size]
الرئيسية 
