قال رئيس الوزراء اللبناني الجديد نجيب ميقاتي إنه من الممكن تجاوز القرارات الدولية فيما يخص المحكمة التي تحقق في حادثة اغتيال الحريري في حال أُقر ذلك من قبل إجماع لبناني ممثلاً في هيئة الحوار الوطني، وفي حال عدم ذلك فإنه سيلتزم بما التزمت به الحكومات التي سبقته.
وفيما دعا ميقاتي الرئيس السوري بشار الأسد إلى سرعة تنفيذ إصلاحات لاحتواء الأزمة في سوريا، قال إنه في حال وجود نازحين أو لاجئين سوريين فإن الحكومة اللبنانية الجديدة ستتعامل معهم من منطلق إنساني بحت.
وأشار إلى أنه استلم الحكومة وهي تعاني من "ترهل" كبير، ناسباً ذلك إلى سوء الحظ مع وجود 400 وظيفة مهمة في المؤسسات الحكومية شاغرة، ومتعهداً بأن ينظر بالدرجة الأولى في تعبئتها لـ"التوازن الطائفي الكامل". ومضيفاً أنه فيما يخص نزع السلاح فإن هيئة الحوار الوطني هي التي تقرر آليات نزعه من المدن، مؤكداً أن سلاح المقاومة غير قابل للنزع.
جاء ذلك ضمن حديثه لبرنامج "واجه الصحافة" الذي يعده ويقدمه الإعلامي داود الشريان ضمن حلقة جديدة بثتها "العربية" مساء اليوم الجمعة.
كرة النار.. واستخارة جانب من برنامج واجه الصحافة وتطرّق ميقاتي لظروف تشكيل الحكومة الجديدة وأنه فضّل تلقي "كرة النار" لتفادي تصادم الشارع اللبناني، مؤكداً "حافظنا على النصف بالنصف بين المسيحيين والمسلمين". وعن تسريع تشكيل الحكومة قال ميقاتي: "ظروف لبنان خلال الأشهر الأربعة الماضية وتدهور الأوضاع الداخلية دفعني لتسريع تشكيل الحكومة"، وفيما يخص إسناد الحقائب الوزارية أضاف "استخرت الله في توزيع 24 حقيبة وزارية ورأينا أن نبدأ بذلك وأن نؤجل وزراء الدولة". كاشفاً عن "تنازل السيد نبيه بري عن مقعد شيعي لصالح السنة".
وعن توجهات حكومته أكد ميقاتي: "لا نتطلع لأي إشكالية مع أي دولة في العالم"، منتقداً وصف حكومته بحكومة "مواجهة"، ومتسائلاً: "مواجهة مع من؟!".
وعن الانتقادات قال: "فريق 14 آذار يعلم أنني سعيت لحكومة وطنية من كل الأطياف"، ومشيراً إلى أنه "لم نكن نستطيع مواجهة الشارع بحكومة غير سياسية"، ونافياً في ذات الوقت أن يكون للنظام السوري أي دور في تشكيل حكومته.
ونفى ميقاتي أن يكون قد تلقى اتصالاً مهنئاً من الزعيم السوري، ومؤكداً "تلقيت العديد من التهاني من زعماء عرب وغربيين"، ومشيراً إلى أنه يتفهم أسباب الحملات الإعلامية"، ومضيفاً "أطمئن الجميع عبر (العربية) بالتزامنا بأمن لبنان وتعهدنا بالتزاماته".
ودعا ميقاتي الرئيس السوري بشار الأسد إلى سرعة تنفيذ إصلاحات عاجلة، مؤكداً أن بلاده تحترم الاتفاقيات والمعاهدات التي تربطها بسوريا، ومشيراً إلى أنه فيما يخص التوقعات بقدوم لاجئين ونازحين سوريين فإن لبنان سيتعامل مع ذلك بشكل "إنساني" بحت.
السعودية.. الأخ الأكبروعن العلاقة مع السعودية قال ميقاتي: "زيارتي الأخيرة للسعودية كانت لأداء العمرة فقط"، ولا منحى سياسي لها، مؤكداً "يخطئ من يعتقد أو يظن أن العلاقة بين لبنان والسعودية ستسوء لأن العلاقة تاريخية عميقة"، ومعتبراً أن "علاقة السعودية بلبنان هي علاقة الأخ الكبير بالأخ الصغير".
وفيما نفى أن يكون إعلان السعودية قبل فترة على لسان وزير خارجيتها رفع يدها عما يحدث في لبنان قال ميقاتي: "السعودية أعلنت رفع يدها قبل تكليف حكومتي"، مؤكداً "لبنان لن ينسى الأيادي البيضاء للعاهل السعودي، والسعودية هي أول دولة سأزورها تقديراً لمواقفها".
نزع السلاح وقرارات المحكمة واعتبر ميقاتي أن سلاح المقاومة موجّه ضد العدو وبالتالي هو خارج أي قرار "نزع"، مؤكداً أن هيئة الحوار الوطني هي مَنْ سيحدد أي قرار لنزع السلاح، ومشيراً إلى أن "سحب السلاح من المدن مطلوب وسيكون عن طريق الهدوء والاتصالات".
وفيما يخص قرارات المحكمة في قضية اغتيال الحريري قال ميقاتي: "لبنان لا يملك أي تغيير للقرار الدولي بخصوص المحكمة"، مؤكداً: "سألجأ لما التزمت به الحكومات السابقة إذا غاب الإجماع اللبناني على أي مستجدات"، ومشيراً إلى أن الحالة الوحيدة للتخلي أو رفض للقرارات الدولية بشأن المحكمة هي "أن يتم ذلك من خلال إجماع لبناني ينطلق من قناة هيئة الحوار الوطني".
استبعاد وترهّل مقدم برنامج واجه الصحافة داود الشريان وأفصح ميقاتي عن أن البيان الوزاري "سيكون على طاولة مجلس الوزراء خلال أسبوع"، مؤكداً أنه لا توجد مصلحة لأي فريق أن ينال من الدولة اللبنانية، وكاشفاً عن أن غياب الحضور النسائي في الوزارة مردّه إلى أن "الكتل" هي التي رشحت الذكور فقط.
وفيما وعد ميقاتي بأن العمل الجاد قادم نسب لسوء الحظ أن استلامه للوزارة جاء مع "ترهل" كبير في معظم مؤسسات الدولة، كاشفاً عن وجود 400 وظيفة شاغرة في تلك المؤسسات، ووعد بأن يكون "التوازن الطائفي" الكامل أساساً لأي تعيينات قادمة لتغطيتها.
الحريات.. خط أحمرواعتبر ميقاتي أن أي استفزاز في المنطقة سينعكس على استقرار لبنان، مشيراً إلى أن حكومته "تترقب الوضع في سوريا ولا نستطيع التنبؤ بالنتائج"، ومؤكداً "علينا تحصين ساحتنا اللبنانية بغض النظر عن نتائج أزمة سوريا".
وختم بقوله: "لا أحد (ينحر) نفسه بالاعتقاد أنه أقوى من الدولة"، ومؤكداً أن "أي طائفة كانت هي قيمة مضافة في لبنان"، ومتعهداً بعدم المساس بأي شكل كان بالحريات التي وصفها بأنها "مقدسة في لبنان".