د.م.درويش
لطالما اتفقت الحكومات العربية والتركية والإيرانية على قمع الكورد حتّى ولو كانوا في حالة حروب فيما بينهم، والتاريخ يحمل الكثير من الأمثلة الدّالة على ذلك.
منذ أيام قليلة إنضاف إلى هذه المعادلة طرف آخر يقوم مقام أعداء الكورد وهو فصيل أو فصائل مسلحة من الجماعات المتطرّفة ذات المرجعية الدينية أو القومجية العروبية ومنها من هم من طينة عشائرية عربية صرفة، والغريب في هؤلاء أنّهم جميعهم يدّعون بأنّهم من الجيش الحر ومع ذلك يقتحمون بيوت وشوارع رأس العين الآمنة وذات الغالبية الكوردية مع أقليات أخرى من أعراق وديانات مختلفة وكأنّها سوريا المُصغّرة. وفي نفس الوقت وبعيد هذا الإقتحام قام النظام السوري بقصف هذه المدينة الصغيرة الواقعة على مقربة من الحدود التركية فُقُتل من قُتل وجُرح من جرح وهرب من هرب وتهدّم معظم المدينة التي باتت منكوبة نتيجة الهجوم الشّرس من تلك الفصائل المسلحة التي تقاتل باسم الجيش الحر؟ ونتيجة القصف الهمجي من قوات النظام السوري.
ليس مصادفةً مجيء هؤلاء الغزاة إلى هذه المدينة الكوردية شعباً وأرضاً وتاريخاً وثقافةً ولغةً و و و كل مافيها يُميّزها بكرديّتها، ولكن توسّطها الطبيعي جغرافياً بين مجمل المنطقة الكوردية في سوريا ( كوردستان سوريا) يجعل منها هدفاً إستراتيجياً لتقطيع أوصال المنطقة الكوردية مما سيخدم السلطات التركية والسورية والمعارضة السورية المتطرّفة عروبياً ودينياً.
كل المبرّرات التي أطلقتها المعارضة السورية باسم الجيش الحر أو المجلس الوطني أو حتى الائتلاف الجديد أو غيره حول ماجرى في رأس العين، لا تمت بشيء لما يُخطط له الترك والإسلاميين ولاسيما المتطرّفين منهم مع بعض العشائر العربية السورية الجاهلة كجهل أهل الجاهلية، فكل هؤلاء يريدون أن يقطعوا الطريق أمام ثورة الكورد الديمقراطية في سوريا والتي بدؤوها منذ عقود فكانوا المحرّك الأول للديمقراطية ولبزوغ فجر ثورة الحرية في كل سوريا.
المعارضة السورية مجلساً كان أو ائتلافا لا تعرف ماذا يجري على الأرض، والقرار في الميدان ليس لها وإنّما لحملة السلاح ولحملة الرايات البيضاء والسوداء الشبيهة بل المطابقة لرايات السلفيين والمتطرّفين، وهذا ماجعل الآوروبيون يعترفون اليوم بمن يمثّلون تطلّعات الشعب السوري وليس تطلعات فصيل ما أو عشيرة أو كتيبة أو غيرهم من مُختطفي الثورة السورية ثورة الحرية والديمقراطية والتعددية كما يقول المعارضون.
أنصح المعارضات السورية مجالساً وائتلافاً وجيوشاً ان تجعل من رأس العين المُحرّرة، مقراً لها بدلاً من إستانبول أو الدوحة أو القاهرة، مما سيسهّل عليهم عملهم بالإضلاع بتمثيل تطلعات الشعب السوري وفهم تعدّديته.
أدعو الكورد السوريين لمتابعة ثورتهم الديمقراطية كما كانت دوماً في نيروز دمشق 1986 وفي آذار قامشلو 2004 واليوم في رأس العين (سري كانييه)، ثورة في وجه النظام المستبد وثورة في وجه المتطرفين المسلحين من عروبيين وإسلاميين ثورة في وجه راكبي ومختطفي هذه الثورة ثورة في وجه الذين يتظاهرون تحت رايات وشعارات تطرّفية دينية ثورة في وجه كل من لايفهم التعددية ولايفهم حق الشعوب بتقرير مصيرها. وتحيا سوريا إتحادية حرة ولكل السوريين كوردا وعربا وآخرين ومسلمين ومسيحيين وغيرهم.