مُساهمةموضوع: وقفة مع آية كريمة اليوم في 13:36 رد مع اقتباس نص المساهمة تعديل/حذف هذه المساهمة حذف هذه المساهمة استعرض رقم الإيبي IP للمُرسل
بسم الله الرحمان الرحيم .
وقفة مع آيـــــــة .
قال الله تعالى:" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) ."[1] .
"وَاسْتَفْزِزْ ." استخفف، أى احملهم على الخفة، وأزعجهم .
يحملهم الشيطان على القلق والإضطراب والضجر فيسارعون للتخفيف عن ذلك باقتراف المعاصي من خمر وزنى وغناء وخنا .
" بِصَوْتِكَ ."وصوتُه كلُّ داع يدعو إلى معصية الله تعالى، عن ابن عباس. مجاهد: الغناء والمزامير واللهو.
إن كل صوت يدعو للخنا والزنى وارتكاب الفواحش هو صوت للشيطان،وما أكثر هذه الأصوات في زمن الناي والكمان و فن الطرب والألحان .
وأجلب عليهم بخيلك ورجلك: أي صح عليهم وأجلبهم راجلين وراكبين إلى هذه الأماكن التي ترتكب فيها المعاصي من خمر وزنا والعياذ بالله، إنك تسمع في هذه النداءات التي تدعو لحضور هذه الحفلات والسهرات التي ترتكب فيها المعاصي ولا يذكر فيها الله إلا استهزاء وسخرية.
وشاركهم في الأموال والأولاد: فإذا نسيت الله في سعيك لطلب الرزق وتحصيل المال فربما طلبته من غير حلّه وكان الكسب حراما، وربما وضعته في غير محلّه واستعنت به على معصية الله وهذا نصيب الشيطان.
واعلم أن الشيطان يكون لك شريكا في عملك الذي تتكسب منه إذا نسيت الله فيه ونصيبه هو في تهاونك في أداء هذا العمل وعدم القيام به على الوجه الذي يرضي الله تعالى ، طلبك للرشوة هو نصيب الشيطان ، تطفيفك للكيل هو نصيب الشيطان ، غشك وخداعك هو نصيب الشيطان ، وكذلك نصيبه في وقت تأخرك عن عملك بغير عذر، فهذا الوقت الذي استرقته فثمنه يشاركك فيه الشيطان.
والأولاد : إنك حين تنسى ذكر الله أثناء اجتماعك بزوجتك شاركك الشيطان في ذلك وأصاب أولادك من مسه وزيغه وضلاله لذلك يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكر الله أثناء مباشرة الجماع حتى يتحصن الأولاد الأبرياء من شر الشيطان.. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ ."[2]،
إن تهاونك في تربية الأولاد على الإسلام وتركهم تعبث بهم أيادي الفساق ممن لا يدينون دين الحق حتى يشبوا تاركين لدينهم فحظ الشيطان منهم موفورا .
{لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء118 وقال الشيطان: لأتخذن مِن عبادك جزءًا معلومًا في إغوائهم قولا وعملا.
فبذكر الله رب العالمين يحفظ العبد نفسه وأهله وولده من شر الشياطين .
وعدهم : "وَعِدْهُمْ ." أي مَنّهم الأماني الكاذبة، وأنه لا قيامة ولا حساب، وأنه إن كان حساب وجنة ونار فأنتم أوْلى بالجنة من غيركم ،فما أنتم فيه هو من فضل الله عليكم فأنتم السعداء في هذه الحياة .
وكم من مغرورين يحسبون أن ما يمدهم به الله تعالى من مال ومتاع وتمكين في الأرض هو لفضلهم عند الله ، ولكن حقيقة إنه ( متاع الغرور .) ، ."أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ{55} نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ{56}." المؤمنون ، بل هي فتنة ليبتلي بها الله عباده ويميز الخبيث من الطيب .
احذر ..!: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ."البقرة268 ، فالشيطان يعدك الفقر ويقول لك: إذا أردت أن تعيش ويزداد مالك فعليك بالخداع والمكر والسرقة ، إنه يوسوس لك بأن الحياة أصبحت صعبة ولا حياة لمن لم يكذب ويخدع واسمع للسان حال هؤلاء: ( اقفز تعيش )، فلا يغرنك مقالهم فربما قفزت قفزة سقطت على أم قفاك وكان فيها حتفك وهلاكك وهي عاقبة وجزاء من ينسى أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين, وأن العاقبة للمتقين.
إن من خلق الله من استحوذ على قلوبهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وأشرب قلوبهم بالغرور و الأمالي وتمنوا على الله الأماني :" اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)."[3].
فاجعل أمانيك في الله حتى لا يخدعك الزمان فتكوى بجمرات الحسرة والندامة ، ففروا إلى الله فعنده ما تأملون وما توعدون {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ }الذاريات23
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ونعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه .
والسلام عليكم ورحمة الله
.
[1] - الإسراء .
[2] - متفق عليه.
[3] - المجادلة.
********
بقلم كمال الدين5