قبل الذهاب إلى مصر لإجراء محادثات مع الرئيس محمد مرسي، أجاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عن أسئلة الصحافيين يوم الجمعة بنبرة يغلب عليها الانزعاج إلى حد كبير. قال: «لا جدوى من الحديث مع إسرائيل» في إشارة إلى العمليات العسكرية المستمرة ضد قطاع غزة. وأضاف: «من واجب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منعها». ومن المقرر أن يزور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، غزة في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) للوقوف على الأوضاع بنفسه، وحذر منذ بضعة أيام قادة العالم من اقتراب الشرق الأوسط من الانفجار.
إن السؤال عن عدد الناس الذين سيقتلون على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحلول ذلك التاريخ أمر، والسؤال عما إذا كانت الأمم المتحدة تمتلك أي نفوذ لوقف هذه العمليات العسكرية أو أي سلطة تمكنها من منع إسرائيل وحماس من التمادي أمر آخر. الإجابة في الحالتين هي «لا» واضحة والجميع يعلم ذلك، بمن فيهم بان كي مون. لن تسمح الولايات المتحدة على الأرجح بصدور أي قرار من مجلس الأمن ضد إسرائيل باستخدام حق النقض كما اعتادت أن تفعل منذ مدة طويلة؛ مثلما مكن استخدام روسيا والصين لحق النقض من منع صدور أي قرار ضد سوريا بشار الأسد من الاستمرار في هجماته بحق شعبه، وزاد عمق الأزمة وحولها إلى حرب أهلية وعرض أمن منطقة الشرق الأوسط الضعيف بالفعل إلى الخطر.
لهذا السبب الأمم المتحدة على وشك مواجهة الفشل مرة أخرى في منع إسرائيل من تنفيذ عملية واسعة النطاق داخل غزة. وتقر الولايات المتحدة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو أمر طبيعي، لكنها لا تقر بالحق نفسه بالنسبة للفلسطينيين. هجمات حماس على الإسرائيليين، التي تصل إلى تل أبيب الآن، غير مبررة، لكن الحكم نفسه ينطبق على استخدام إسرائيل غير المتكافئ للقوة ضد الشعب الفلسطيني.
أشار أردوغان إلى توقيت العمليات الإسرائيلية، موضحا أن آخر عملية كبيرة داخل غزة بدأت قبل انتخابات عام 2008 مباشرة. ومن المقرر أن تجرى انتخابات مبكرة في إسرائيل في 22 يناير (كانون الثاني) عام 2013. ويريد رئيس الوزراء نتنياهو تعزيز موقفه من دون خسارة أي مساحة لصالح شريكه في الائتلاف أفيغدور ليبرمان. ووصف الرئيس التركي عبد الله غل، العملية الإسرائيلية بـ«الاستثمار الانتخابي الدموي». وانزعج أردوغان من ظلم نظام الأمم المتحدة وإساءة استخدام حق النقض من قبل الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن. ولرأيه وجاهة. مع ذلك لا يوجد أمل في أن يتغير هذا النظام في المستقبل القريب. والأمر لا يتعلق فحسب بالولايات المتحدة وسياستها في حماية إسرائيل حتى عندما ترتكب الأخطاء، إذ لن ترغب روسيا والصين أبدا في خسارة قوة حق النقض، الذي استخدمتاه ثلاث مرات متتابعة لحماية سوريا خلال العام الحالي. من يمكن أن يرغب في ذلك؟
كان الهدف من «اتفاق يالطا» بتقاسم النفوذ العالمي هو حماية التوازنات الكبيرة في السياسة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى الخمس دول التي تمتلك قنبلة نووية. إلى متى يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو؟ 20 أو 30 سنة أخرى؟ ستحاول الدول الخمس الأساسية الدائمة العضوية والدولة السادسة غير دائمة العضوية، وهي ألمانيا حاليا، إبقاء الوضع كما هو. إن حياة البشر التي تضيع في هذه الأثناء ستكون ثمن الحفاظ على نظام أكبر تجده عندما تطل من مجلس الأمن.
بالعودة إلى إسرائيل، لا يتعلق الأمر فقط بمكافحة هجوم إرهابي باستخدام قوة غاشمة وتوقع نصر انتخابي من ورائه، بل يتعدى الأمر ذلك ليصل إلى منع الفلسطينيين من الحصول على اعتراف الأمم المتحدة المقرر أن يتم التصويت عليه في 29 نوفمبر من خلال خطف انتباه المجتمع الدولي بعيدا عن الأزمة السورية.
ربما يكون الدور على لبنان، وربما يمتد إلى الأردن، حيث غرقت الدولتان التي تقعان إلى جوار إسرائيل وسوريا إلى أذنيهما في القضايا الفلسطينية.
ولا يهتم الكثيرون الآن بما يحدث في العراق، لكنه ربما لا يستطيع الحفاظ على توازنه الحيوي لفترة طويلة.
ويعد نظام الأمم المتحدة العاجز عن التدخل في أي أزمة تنحاز فيها دولة من الدول الخمس على الأقل لطرف من أطرافها، باعثا على التشاؤم فيما يتعلق بالسلام في المنطقة.
* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية