[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الشرق الاوسط الجديد بين الاشاعة والحقيقة وواقعية التنفيذ
إعداد: إيهاب شوقى
مقال لابد منه كمقدمة:
بقلم/ سامي العارضة باحث أردني مقيم في بكين
يرى البعض أن الثورات العربية الحالية واللاحقة قد تكون الخطوة الأولى نحو قيام الحلم الذي راود جميع العرب من المحيط إلى الخليج. ولكن الأمر ليس سهلاً كما يتصوّره البعض، فالأحداث الجارية في الوطن العربي حالياً قد تكون أمراً موضوعاً على الأجندة الدولية، حيث بدأ البعض بربط الأحداث التي تجري الآن في الوطن العربي بخطة "تيودور هرتزل" بالسيطرة على العالم وتحقيق حلم اليهود بإقامة دولة لهم في منطقة الشرق الأوسط تمتد من النيل إلى الفرات، في خطة زمنية وضع لها 150 عاماً بعد إعادة هيكلة دول الشرق الأوسط مرة أخرى ضمن مشروع عالمي يسمى "الشرق الأوسط الجديد".
إن مشروع الشرق الأوسط الجديد – والذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه بمساعدة الدول الغربية وإسرائيل من خلال إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط مرة أخرى – يشكّل مشروعاّ مضاداً لمشروع وحدة الدول العربية. حيث ستعمل الدول الغربية – بلا أدنى شك – على عرقلة هذا المشروع بكل الوسائل المتاحة. لأنه لا يعقل أن تقوم الدول العربية بإنشاء دولة عربية موحّدة في الوقت الذي تسير فيه الدول الغربية قدماً في مشروعها، فالزيت لا يمكن أن يمتزج في الماء هنا، وإذا ما أريد لمشروع الشرق الأوسط الجديد أن يصبح أمراً واقعاً، فإنه سيكون بكل تأكيد على حساب مشروع الوطن العربي الكبير.
إن ما يجعل مشروع الشرق الأوسط الجديد وشيكاً، هو الوثائق التي تمّ كشفها في موقع "ويكيليكس" حول الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان، وكذلك الوثائق التي كانت تخرج بين الحين والآخر حول الدول العربية التي تشهد ثورات حالياً. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ ظهرت وثائق حول عائلة الرئيس التونسي السابق بن علي والفساد الذي إنتشر في البلاد في الوقت الذي كان فيه جل الشعب التونسي يخرج بمظاهرات صاخبة ضد النظام. وفي الثورة المصرية ظهرت وثائق أخرى تتحدّث عن أن الولايات المتحدة قامت بإعداد "قيادي شاب" للقيام بثورة تطيح بنظام حسني مبارك، حيث حدّدت الوثائق موعد بدء الثورة والذي سيكون في عام 2011 تحديداً. ذلك عدا عن الوثائق التي أثبتت دعم الولايات المتحدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك في العلن، بينما كانت تقدّم دعمها للمعارضة المصرية في الخفاء.
لذا؛ فإن جميع الأحداث والدلائل الآن توحي إلى أمران لا ثالث لهما وهما :-
الأول : لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد – والذي ظهر للجميع مع نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي – فإنه يتطلب القيام بالعديد من الخطوات المهمة، ولعل تغيير الأنظمة القائمة الآن في دول الشرق الأوسط إحدى أهم هذه الخطوات، فالولايات المتحدة تريد حكومات شرق أوسطية ليبرالية – معتدلة تخرج من قلب شعوبها، وبالتالي فإنها ستضمن ولاء هذه القيادات الجديدة بعد دعمها في ثوراتها، ولعل هذا هو السبب الحقيقي في تناقض تصريحات القادة الأمريكيين أثناء الثورة المصرية والتي هدفت إلى تشتيت الرأي العام. وقد لا ينطبق هذا الأمر على المجموعة الكبيرة من الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع بشكل عفوي وبنية صادقة، فلا يختلف إثنين على هذا الأمر، ولكنه قد ينطبق على غالبية قادة المعارضة كـ"المصرية مثلا" والتي بقيت على إتصال وثيق مع الولايات المتحدة طيلة الـ3 – 4 سنوات الماضية وذلك للتحضير لثورة 2011. حتى أن الكثير بدأ بالتحدّث عن مطلق الشرارة الأولى للثورة المصرية "وائل غنيم" على أنّها الشخصية التي تحدّثت عنها الوثائق الأمريكية والتي عرضها موقع "ويكيليكس" – كما أسلفنا – خاصة وأن الوثائق لم تذكر إسم القيادي الشاب خوفاً على حياته كما جاءت في رسالة السفير الأمريكي في القاهرة عام 2008.
مجلة أمريكية تنشر خريطة الشرق الأوسط الجديد ما بعد التقسيم:
تقول الدراسة التى نشرت الخريطة, أنه فى ف الرؤيا الجديدة لشرق أوسط مابعد التقسيم والذي نشر على الموقع :
في هذه الرؤيا إن التقسيمات ليست على أساس خرائط معدة مسبقا بل أعدت على أساس وقائع ديموغرافية (الدين القومية والمذهبية). ولأن إعادة تصحيح الحدود الدولية يتطلب توافقا لإرادات الشعوب التي قد تكون مستحيلة في الوقت الراهن, ولضيق الوقت لابد من سفك الدماء للوصول إلى هذه الغاية التي يجب أن تستغل من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها. يفترض إن إسرائيل لا يمكنها العيش مع جيرانها ولهذا جاء الفصل عن جيرانها العرب, ولذا فأن الطوائف المتباينة التي لايمكن التعايش فيما بينها من الممكن تجمعها بكيان سياسي واحد.
الأكراد على سبيل المثال اكبر قومية موزعة على عدة دول بدون كيان سياسي. عليه فأن الولايات المتحدة وحلفائها لا تريد أن تفوت فرصة تصحيح (الظلم) بعد احتلال بغداد مستفيدة من فراغ القوة التي كان يشكلها العراق الذي أصبح مؤكدا الآن بأنه الدولة الوحيدة في العالم التي كانت الحاجز العظيم أمام تنفيذ المخطط الأمريكي للمنطقة.
الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي إيران, تركيا, العراق, السعودية وباكستان وسوريا والأمارات, و دول ستوسع لأغراض سياسية بحتة, اليمن, الأردن وأفغانستان,
الدول الجديدة التي ستنشأ..... من تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات (كردستان وسنيستان وشيعستان),( دولة كردستان الكبرى),وستشمل على كردستان العراق وبضمنها طبعا كركوك النفطية وأجزاء من الموصل وخانقين وديالى,وأجزاء من تركيا ,إيران وسوريا,ارمينياواذربيجان, وستكون أكثر دولة موالية للغرب ولأمريكا.
(دولة شيعستان),وستشمل على جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران(الأهواز)وستكون بشكل حزام يحيط بالخليج العربي. (دولة سنيستان) ستنشأ على ما تبقى من ارض العراق وربما تدمج مع سوريا .وخلق( دولة بلوشستان الجديدة),التي ستقطع أراضيها من الجزء الجنوبي الغربي لباكستان والجزء الجنوبي الشرقي من إيران.
إيران ستفقد أجزاء منها لصالح الدولة الكردية وأجزاء منها لصالح دولة شيعية عربية وأجزاء لصالح أذربيجان الموحدة, وستحصل على أجزاء من أفغانستان المتاخمة لها لتكون دولة فارسية.
أفغانستان ستفقد جزء من أراضيها الغربية إلى بلاد فارس وستحصل على أجزاء من باكستان وستعاد إليها منطقة القبائل
السعودية ستعاني اكبر قدر من التقسيم كالباكستان وستقسم السعودية إلى دولتين ,دولة دينية (الدولة الإسلامية المقدسة) على غرار الفاتيكان , تشمل على كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي العالم,ودولة سياسية (السعودية) وسيقتطع منها أجزاء لتمنح إلى دول أخرى(اليمن والأردن).
ستنشأ دولة جديدة على الأردن القديم بعد أن تقطع أراضي لها من السعودية وربما من فلسطين المحتلة لتشمل على كل فلسطيني الداخل وفلسطيني الشتات (الأردن الكبير).
اليمن سيتم توسعه من اقتطاع أجزاء من جنوب السعودية وتبقى الكويت وعمان بدون تغيير.
لماذا يتم عرض هذه الخارطة الآن؟...ماهو الغرض بعرضها بموقع عسكري أمريكي رسمي؟
الإدارة الأمريكية كانت قد طرحت مبادءها وتصورها عن شرق أوسط (ديمقراطي) جديد, يبدأ من إلغاء الخرائط الاستعمارية القديمة التي أنشأها الاستعمار الفرنسي والبريطاني في بداية القرن العشرين لانتفاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم.
التقسيم والاقتطاع وسيلة لأضعاف الدول التي تتعرض للتقسيم والاقتطاع,الدول لجديدة التي ستنشأ ستكون موالية تماما للإدارة الأمريكية بحكم العرفان بالجميل للعناصر الانفصالية المستفيدة إلى الدولة التي منحتهم الاستقلال,والدول التي ستتوسع ستكون مدينة أيضا بمولاتها لمشروع التقسيم والضم .والأردن الكبير سيكون الحل الأمثل للمشكلة الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين ونقطة جوهرية بتخليص إسرائيل من مشكلة تواجهها باستمرار وهي التغيير الديموغرافي للسكان لصالح الفلسطينيين في حال تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
لكن السؤال هل هو هذا الحل الممكن للتخلص من المشاكل التي تواجه إستراتيجية الولايات المتحدة للسيطرة على العالم وعلى مصادر الطاقة؟...أم أنها ستكون بؤر جديدة للتوتر ونوعا جديدا من الحروب بين الكيانات القديمة والجديدة(المثال الكوري) والاقتتال الداخلي والتوتر غير محسوب العواقب(تيمور الشرقية).
إن محاولة تقسيم العراق بأيدي عملاء عراقيين باتت معروفة وكشفت معظم خيوطها, فهل يمكن أن تجر الدول الأخرى بنفس الطريقة.
ربما يكون طرح الفكرة والخارطة التقسيمية مجددا هو ورقة ضغط على:
1- تركيا.... في حالة معارضتها لمشروع الدولة الكردية في كردستان العراق المقترح خلقها في حال فشل المشروع الأمريكي السياسي والعسكري في العراق لتكون كردستان المكان الأمن لقواتها في حالة انسحابها .
2-إيران....كتهديد مباشر على تدخلها السافر في العراق وتجاوزها لخطوط حمراء وضعتها الإدارة الأمريكية لها.
3- السعودية لمنعها من دعم (المتمردين) أو لفيدرالية شيعية في الجنوب.
4- باكستان.... لضمان عدم ترددها بضرب (طالبان) والعناصر الإسلامية المتشددة وضمان بقائها ضمن المشروع الأمريكي.
5- اليمن,و الأردن, لإغراقهم بحلم التوسع والأكراد بحلم خلق دولة جديدة لهم.كمكافئة غنية لمدى دعمهم للمشروع الأمريكي.
هذا هو الحلم الأمريكي, وحلم الانفصاليين والتابعين والسائرين ضد أحلام ومستقبل شعوبهم.
إن التقسيم والاقتطاع لتشكيل دولا جديدة أو توسيع لدول قديمة لا يمكن إن يمر دون, إما بالاتفاق وهو امرأ مستحيلا لدولا مستقلة ومستقرة ذات كيانات سياسية معترف بها دوليا بهذا الشكل أوان تتم بالتقسيم ألقسري بالشكل الذي ينجز حاليا في العراق. وتمنح الإدارة الأمريكية الآن وبسرعة الأولوية القصوى لأنجاحة ومن ثم تعميمه على المنطقة ككل.
الخطة الاقرب للتنفيذ وتم نشرها فى 2006:
جاي بخور (في يديعوت أحرونوت يوم 27/7/2006) قام بتقديم خطته لإعادة صياغة الشرق الأوسط. والخطة لا تعدو أن تكون شكلا من أشكال الأحلام المتورمة، ولكنها مع هذا تعطينا فكرة عما يدور في خلد الولايات المتحدة وإسرائيل.
فالمقال يزعم أن هذه الحرب تدافع عن "جوهر" الغرب، دون أن يذكر لنا ما هو هذا الجوهر؟ وهل الهدف من هذه الحرب هو إقامة العدل وتحقيق السلام أم فرض الهيمنة ونهب الشعوب؟
يبدأ المقال بالقول إنه يجب عدم العودة للشرق الأوسط القديم الذي يصفه الكاتب بأنه "توجد فيه دولة ذات نظام مجنون تتسلح بسلاح ذري وتسلح رفيقاتها (وهذا بطبيعة الحال لا يعني إسرائيل) والعراق غارق في حرب أهلية، ومنظمات راديكالية تسيطر علي حكومات ونظم حكم، وهذه بدورها تمنح جماعات مخربين مسلحة دعماً قوياً وعلاقة متسامحة.
ثم يستأنف العبقري الحديث قائلا: ثمة حاجة إلى تغيير جوهري، فلم تنجح هذه الدول في منح مواطنيها حياة ثقافية كاملة، ومعظم شعوبها فقيرة، وهي دول تتسم كلها بالطغيان ولا تُنطق كلمة الديمقراطية ولو في دولة واحدة، وإذا ما تمت محاولة ديمقراطية في بعضها، فإن النتيجة تكون تولي نظم إرهابية إسلامية أو فوضى". (ولنلاحظ التناقض الذي يقع فيه هذا العبقري، فهو يرفض الطغيان العربي، ولكنه يجد أن الديمقراطية تؤدي إلى الإرهاب الإسلامي).
ولعلاج هذا الوضع يقترح جاي بخور "أن يُقسم العراق إلى ثلاث دول، بحسب مقياس طائفي: سُنية في الوسط والغرب، وشيعية في الجنوب، وكردية في الشمال، كما يجب إنهاء نظام سوريا وإعادة الأكثرية السُنية إلى الحكم.
وعلي الأردن أن يتحمل المسؤولية عن الضفة الغربية، وبهذا ينشأ كيان فلسطيني واحد فينتشر الفلسطينيون إلى الشرق (بعيدا عن إسرائيل بطبيعة الحال) لا إلى الغرب في اتجاه الدولة الصهيونية والمطالبة بحق العودة.
أما مصر فستصبح مسؤولة عن قطاع غزة، وهو شيء –حسب تصوره- أصبح يحدث في الواقع أكثر فأكثر. ويجب إعاقة إيران بواسطة نظام عقوبات شامل، ويجب أن يقوم في لبنان نظام دولي جنوب الدولة وشرقها، لمنع عودة الأصولية الشيعية أو غيرها.
وماذا عن شعوب المنطقة؟ هل هي مستعدة لتقسيم جديد (سماه المفكر الإستراتيجي العربي منير شفيق سايكس بيكو الثاني: تقسيم ما هو مقسم وتجزئة ما هو مجزء)؟ يري هذا العبقري الجهبذ أن الشعوب سترحب أيما ترحيب بهذا، بينما سيعارضه الحكام وحدهم.
"فسكان العراق يشتاقون إلى الاستقرار، ومن المؤكد أن الأكثرية السُنية في سوريا تطمح إلى إنهاء سلطة القلة العلوية، وفي الأردن 80% في الأصل من السكان فلسطينيون، والملك متزوج بفلسطينية، وأبناؤه نصف فلسطينيين.
وسيفرح سكان الضفة الغربية أيضاً بإنشاء دولة فلسطينية كبيرة. وفيما يتعلق بمصر، من المعقول أنها تدرك اليوم أن غزة الفائرة تعني سيناء الخطرة، وتهديد السياحة والاستقرار السياسي والاجتماعي كله.
ثم يختم جاي بخور حديثه بالقول إنه إزاء تفشي الراديكالية الخطرة للتدين المتشدد الإسلامي، يجب على العالم الغربي أن يستيقظ وأن يفهم أن الحديث ليس عن الشرق الأوسط أو إسرائيل فقط، بل عن جوهر وجوده.
لماذا الاخوان؟ مقال لابد منه كخاتمة:
حذر وليام تايلور، الذي يحمل لقب "المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط" في وزارة الخارجية الأمريكية، عسكر مصر من القيام بـ"انقلاب عسكري"، في كلمة له في مؤسسة "مجلس الأطلسي"، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستقبل بهدوء فوز الإخوان المسلمين (وقد تكررت مثل هذه التصريحات على لسان مسؤولين أمريكيين كبار منهم هيلاري كلينتون).
وكان اتفاقاً سرياً حول دعم الولايات المتحدة لنشاطاتهم قد تم التوصل إليه في شهر تشرين الثاني 2011 في فرانكفورت بين فريق من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA بقيادة مدير الوكالة ديفيد بتريوس وممثلين عن قيادة الإخوان المسلمين.
وفي بداية شهر كانون الثاني 2012 التقى وليم بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكية، مع محمد مرسي بصفة الأخير رئيساً لحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين.
أن الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة كانت قد وضعت رهانها على الإخوان. ومن اللافت للنظر كيف ظهرت مجموعة من المقالات التي تتغنى بالإخوان المسلمين في وسائل الإعلام في الولايات المتحدة قبيل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية. مثلاً، عبرت صحيفة النيويورك تايمز عن تفاؤل حذر إزاء الحملة الرئاسية لمرشح الإخوان المسلمين.
وفي نيسان كتبت نفس الصحيفة بأن إدارة أوباما قد شرعت بالتراجع عن عقود من عدم الثقة والعداء تجاه الإخوان المسلمين.
وفي نفس الفترة تقريباً ذهب فريق من الإخوان المسلمين إلى واشنطن لزيارة البيت الأبيض وعقد المحادثات مع مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة، ومع جون مكاين وليندسي غراهام، عضوي لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي.
الإخوان المسلمون عبارة عن بنية تنظيمية تأخذ شكل شبكة، وهي منظمة دولية إسلامية تضمّ في صفوفها حماس في فلسطين وحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني وغيرهم، ولديها فروع في سورية والعراق ولبنان والسودان وحتى في دول وسط - آسيوية مثل كازاخستان وأوزبكستان. وتمثل مناصبها القيادية ثلاثين بلداً حول العالم… وهي تعتبر منظمة إرهابية في روسيا والعديد من الدول الأخرى.
وقد حارب الإخوان الاتحاد السوفييتي في أفغانستان في الثمانينات، وحاربوا وروسيا المعاصرة في الشيشان وداغستان… وفي عام 2011 لعب الإخوان المسلمون دوراً فعالاً في إسقاط معمر القذافي.
ولدى الإخوان مكتبٌ رسميٌ في أوروبا، بالتحديد في بريطانيا العظمى، البلد الذي أصبح ملجأ آمناً للعديد من الإرهابيين الدوليين، والإخوان المسلمون لا يصنفون كمنظمة إرهابية هناك!!.
إن الإخوان المسلمين المنظمين على نمط الجمعيات الماسونية السرية ,تعود صلاتهم بالمخابرات البريطانية والأمريكية للعام 1928… وحسب ستفن دوريل، مؤلف كتاب "أم أي 6: داخل العالم الخفي للاستخبارات السرية لصاحبة الجلالة"، فإن المخابرات البريطانية نجحت في تأسيس اتصالات وثيقة مع الإخوان المسلمين بعيداً في الماضي منذ عشرينات وثلاثينات القرن العشرين.
وبعد الحرب العالمية الثانية حلّت محلها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي إيه" دون أن يعني ذلك بأي شكل تقليص الاتصالات مع البريطانيين. على العكس تماماً إذ أن صلات الإخوان مع "السي أي إيه" و"الأم أي 6" تعززت عندما وصل جمال عبد الناصر للسلطة عام 1954… وقدم حلفاء الأنغلو - سكسونيين في الشرق الأوسط – السعودية والأردن – الدعم المالي والملجأ الآمن للإخوان.
وحسب جان جونسون، وهو مراسل سابق لصحيفة الوول ستريت جورنال، فإن موجة اهتمام جديدة بالإخوان المسلمين قُدحت شرارتها في الدوائر العسكرية والسياسية للولايات المتحدة بعد دخول القوات السوفيتية أفغانستان في 1979.
وبعد عام 1991، تراجع الإخوان المسلمون إلى الخلفية، وبدءأ من عام 2004، بدأ المحافظون الجدد لإدارة بوش الابن، في حماستهم لإعادة تشكيل خريطة "الشرق الأوسط الكبير"، يحتاجون الإخوان مجدداً… وكما نستطيع أن نرى، حافظ تغيير الرئيس الأمريكي القابع في البيت الأبيض (من بوش إلى أوباما) على هدف بناء "الشرق الأوسط الكبير" سالماً… وهذا ليس مفاجئاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أعضاء فريق السياسة الخارجية لبوش الابن المسؤولين عن سياسة التقارب مع الإخوان المسلمين يمسكون بمناصب في بنية إدارة أوباما.
أن إضعاف الصين هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في المستقبل القريب، وأي وسائل يمكن تبنيها لتحقيق الهدف… ولسوف تركز الجهود الأساسية على مد تواجد الولايات المتحدة إلى منطقة آسيا - المحيط الهادئ… ولهذا سوف تقوم الولايات المتحدة بالانسحاب تدريجياً من "الشرق الأوسط".
لكن الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة لا تريد أن تتركه وحده خوفاً من أن تقوم الصين، التي تكثف جهودها لتعزيز نفوذها في المنطقة، من ملء الفراغ بسرعة.
وإذا كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو ملء فراغ النفوذ السياسي على المستوى الإقليمي، فليست ثمة أداة أفضل من الإخوان المسلمين… فهم حالياً يحاربون النظام في سورية، أي أنهم ينفذون مخططات الولايات المتحدة لخلق "شرق أوسط كبير".
وكما تقول صحيفة "الورلد تريبيون" الأمريكية، فإن إدارة باراك أوباما قررت أن الإخوان المسلمين هم الذين يجب أن يحكموا في سورية بعد إسقاط الحكومة السورية… ومبكراً في تموز 2011، التقت هيلاري كلينتون بالإخوان المسلمين السوريين ودعتهم للتعاون القريب مع تركيا بهدف التخلص من النظام القائم…هذه المنظمة الإسلاموية تم "تعيينها" لتكون "معارضةً ديموقراطية" للنظام في سورية!!.
وقد أكد هربرت لندن، الرئيس السابق لمعهد هدسون، والرئيس الفخري الحالي لمركز الأبحاث الأنجلو - ساكسوني، بأن باراك أوباما قرر أن يعتمد على تركيا والإخوان المسلمين فيما يتم خلق حكومة سورية ما بعد النظام الحالي، في كتابه المعنون: "الولايات المتحدة تخون المعارضة السورية".
في الواقع يفيد وجود الإخوان الراديكاليين مصالح واشنطن في جعل منطقة "الشرق الأوسط" أكثر "حيوية… فنظام الحكم العسكري المصري الذي ترأسه حسني مبارك لا يفيد لتحقيق مثل ذلك الغرض… فقد بات "ليناً" وكفّ عن أن يكون قوة إقليمية ضاربة رئيسية.
لقد بات واضحاً بشكل مطلق، على الأقل، بأن جزءاً من النخبة السياسية للولايات المتحدة تسعى لدفع "الشرق الأوسط" للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد في زمن الأزمة الاقتصادية العالمية… والهدف هو حل مشاكلها الخاصة وتحويل اهتمام الرأي العام في الغرب بعيداً عن مشكلة انخفاض مستوى المعيشة ونوعية الحياة، لأنه بات من المستحيل المحافظة على "مجتمع الاستهلاك" بحالته السابقة بعد الآن.
أن حرباً طويلة الأمد في الشرق الأوسط يمكن أن تعطي دفعة لازدهار الصناعة العسكرية للولايات المتحدة، وعندها يمكن لشركات الأسلحة الأمريكية، التي تمارس تقليدياً تأثيراً كبيراً على واشنطن، أن تبيع الأسلحة للمتحاربين… وبدورها يمكن لحكومة الولايات المتحدة أن تصبح وسيطاً في محادثات السلام التي تقوي مواقفها في المنطقة.
إن مجيء الإخوان المسلمين للسلطة في مصر سيؤدي إلى قلبها ضد روسيا والصين…. والقوقاز الشمالي، وما وراء القوقاز، وآسيا الوسطى، ومقاطعة شينجيانغ (اليوغور) الصينية المستقلة سوف تصبح كلها أهدافاً للإسلاميين الراديكاليين.
إن الفرع السوري للإخوان المسلمين سبق له أن وصف روسيا والصين وإيران بأنهم (شركاء في جرائم قتل المدنيين السوريين)، متهماً إياهم بتقديم الدعم السياسي وإيصال الأسلحة للنظام في سورية… وهذا يكشف بوضوح التوجه السياسي للإخوان ويظهر من يعطيهم الأوامر!!..
ولن يكون من السهل على الإخوان أن يقووا مواقعهم في مصر، فالقوات المسلحة تقف في طريقهم، وكل السلطات في البلاد تتركز في أيديها… وبالتالي فإن مصر الآن مهيأة لصراع مميت حقيقي، ونتيجته لا يمكن التنبؤ بها... فمن جهة، يخرج الإخوان المسلمون للفضاء المفتوح، ولديهم فرصة "للضغط" على العسكر لجعل الثورة المصرية تدخل في "جولة ثانية".
ويدرك الإخوان أن الأمريكيين يعتمدون عليهم ولسوف يبذلون قصارى جهدهم لإثبات أهليتهم لواشنطن.